هذا هو الأصل الذي دلَّ عليه الكتاب والسنة، وهو الذي يعتمده ولاة الأمور في أداء الأمانات إلى أهلها. وبذلك تنتظم مصلحتهم في الدنيا والآخرة، وما لا يُدْرَك كلُّه لا يُتْرَك كلُّه.
فهذه قاعدة كليّة جامعة لولاة أمور المسلمين، فإنَّ جميع هذه الأمور داخلة في حُكم الكتاب والسنة، وسنة الخلفاء الراشدين.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتولى بنفسه في المدينة المصالح العامة؛ من تعليم العلم، والقضاء والجهاد، واستيفاء الحساب على العمال، حتى ثبت عنه في «الصحيح» أنه استعمل رجلًا على الصدقة، فلما رجع حاسبه، وهو استيفاء الحساب.
وكان له من هو بمنزلة صاحب الشرطة؛ ففي «الصحيح» عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان قيس بن سعد بن عُبادة من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير.
وكان له الكُتَّاب بكتبون الوحي والعلم، ويكتبون العهود والشروط، ويكتبون الرسائل والعطايا والولايات. كتب له أبو بكر رضي الله عنه، وعمر رضي الله عنه، وعثمان وعلي رضي الله عنهما، وزيد بن ثابت،