يعبد الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه. وإذا كان ذا ولاية عدَّ ما يفعله من العدل والإحسان عبادةً لله تعالى يتقرَّب بها إليه. وإن كان من الرعية عدّ طاعتَه في طاعة الله، ونصيحتَه عبادة لله يَتَقَرَّب بها إلى الله، وذلك كله داخل في قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2].
وإذا كان الله تعالى قد أمر ولاة الأمور بأداء الأمانات والحكم بالعدل؛ والأمانات هي: الولايات والأموال، فالأصل في الولايات القوة والأمانة، وإذا تعذَّر ذلك عمل الممكن، فإن الله لا يكلِّف نفسًا إلا وُسْعها، قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم».
وأصل ذلك أن يولِّي الرجلُ أصلحَ من يقدر عليه، وإن لم يوجد الأصلح إلا وفيه نوعٌ من العجز أو الفجور؛ فهذا هو الواجب، بخلاف من قدَّم المفضول لجهلٍ أو هوى. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قلَّد رجلًا عملًا على عصابة وهو يجد في تلك العصابة من هو أرضى لله منه، فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين» رواه الحاكم في «صحيحه».