فقد ثبت في «الصحيحين» أن النبي صلى الله عليه وسلم مُرَّ عليه بجنازة فأثنوا عليها خيرًا، فقال: «وجَبَت وجَبَت». ومُرَّ عليه بجنازة فأثنوا عليها شرًّا، فقال: «وجَبَت وجَبَت». قالوا: يا رسول الله ما قولك: «وجبت وجبت»؟ قال: «هذه الجنازة أثنيتم عليها خيرًا فقلت: وجبت لها الجنة، وهذه الجنازة أثنيتم عليها شرًّا فقلت: وجبت لها النار، أنتم شهداء الله في الأرض».
فأيُّ وليِّ أمرٍ من أمور المسلمين أنعمَ الله عليه بحُسْن القصد، وابتغاء وجه الله، والنُّصْح لرعيَّته، وإقامة العدل بينهم، فإنّ الله تعالى يجعل له من الدُّعاء المستجاب، والثناء المستطاب، وجميل الأجر والثواب= ما هو من أنفع الذخائر له في الدنيا والمآب.
وإذا أراد المسلم أن يتدبَّر ذلك، فلينظر كيف شُهرة عمر بن عبد العزيز، والسلطان نور الدين الشهيد، وغير هؤلاء من ولاة الأمور، أهل الصدق والعدل، والهدى والرَّشاد.
ولينظر كيف شهرة قوم آخرين، أقدمهم الحجَّاج بن يوسف الثقفي، وأمثاله من أهل الظلم والعدوان، الذين لهم سمعة سوءٍ في مَحْياهم ومماتهم؛ ما بين ذاكرٍ لمساويهم، وما بين داعٍ عليهم، وما بين مبغضٍ لهم. وأولئك لهم الدعاء والثناء، وهم في الآخرة في {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 55].