علم كان ما يفسده أكثر مما يصلحه».
ومن أسباب وقوعهم في ذلك: أنهم قد لا يجدون من يعلم أعمال القلوب وأحوالها على الوجه المشروع الذي جاء به الرسول، وكان عليه أصحابه، بل إن وجدوا من يتكلّم في العلم وجدوا من [يتكلم] في علم الأعمال الظاهرة، وقد يكون في كثير من كلامه مِنَ الظنّ واتباع الهوى ما ينقص حال من يتابعه، أو يضرّه فيما يطلبه من صلاح قلبه.
فإنَّ كثيرًا ممن يتكلَّم في فقه الأعمال الظاهرة، لم يكن له خبرةٌ ولا رعايةٌ لأعمال القلوب. كما أن كثيرًا ممن يتكلَّم في أعمال القلوب، لم تكن له خبرة ولا رعاية للأعمال الظاهرة. [و] كثيرٌ مما يقع من هؤلاء وهؤلاء -كأنهم أهل مِلّتين- نظيرُ ما يقع من اليهود والنصاري. وشواهد هذا وتفصيله يطول، وهي مبسوطة في غير هذا الموضع.
والحاكمُ على الطريق كلها الكتابُ والسنةُ وإجماعُ الصحابةِ، فعلى كلِّ مَن انتسبَ إلى الدين بقولٍ أو عملٍ أن يكون مُتّبِعًا للصحابة، مقتديًا بهم.
قال عبد الله بن مسعود: «إنَّ الله نظرَ في قلوب العباد فوجد قلبَ محمدٍ خيرَ قلوبِ العباد، فابتعثه برسالته، واختصَّه بوحيه. ثم نظر في قلوب العباد بعد قلبِ محمدٍ فوجدَ قلبَ أصحابِهِ خيرَ قلوبِ العباد، فما رآه المؤمنون حسنًا فهو عند الله حَسَن، وما رآه المؤمنون قبيحًا فهو