وقيل: يجب عليه الإعادة إذا ترك الصلاة جاهلًا بوجوبها في دار الإسلام دون دار الحرب، وهو المشهور من مذهب أبي حنيفة.
والصائم إذا فعل ما يفطِّره جاهلًا بتحريم ذلك، فهل عليه الإعادة؟ على قولين هما وجهان في مذهب أحمد، وكذلك مَنْ فعل محظورَ الحجِّ جاهلًا.
وأصل هذا أن حكم الخطاب هل يثبت في حقّ الملَّكف قبل أن يبلغه؟ فيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره، قيل: يثبت، وقيل: لا يثبت، وقيل: يثبت المبتدأ دون الناسخ.
والأظهر أنه لا يجب قضاء شيء من ذلك، ولا يثبت الخطاب إلا بعد البلاغ؛ لقوله تعالى: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19]، وقوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]، وقوله: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، ومثل هذا في القرآن متعدد، بيَّن سبحانه أنه لا يعاقب أحدًا حتى تُبَلّغه الرسل.
ومن علم أن محمدًا رسول الله، فآمن بذلك، ولم يعلم كثيرًا مما جاء به، لم يعذّبه الله على ما لم يبلغه، فإنه إذا لم يعذِّبه على ترك الإيمان إلا بعد البلاغ، فأنْ لا يعذبه على بعض شرائعه إلا بعد البلاغ أولى وأحرى.