ومن ذلك المسبوق يقعد لأجل متابعة الإمام مما لو فعله منفردًا بطلت صلاته، مثل كونه إذا رآه ساجدًا أو منتصبًا دخل معه، ومثل كونه يتشهد في أول صلاته دخل معه، فدل على أنه يجوز لأجل الجماعة ما لا يجوز بدون ذلك، ومع هذا فوقوف المأموم عن يسار الإمام للحاجة، ووقوفه وحده خلف الصف للحاجة أحقّ بالجواز من تقدُّمه على الإمام للحاجة.

وبهذا تأتَلِف النصوصُ جميعها، وعلى ذلك تدلّ أصول الشريعة، فإن جميع واجبات الصلاة من الطهارة بالماء، واستقبال القبلة، وستر العورة، واجتناب النجاسة، وقراءة القرآن، وتكميل الركوع والسجود، وغير ذلك= إذا عَجَز عنه المصلي سقط، وكانت صلاته بدون هذا الواجب خيرًا من تأخير الصلاة عن وقتها فضلًا عن تركها، فكذلك الجماعة متى لم تكن إلا بترك واجباتها سقط ذلك الواجب، وكانت الجماعة مع ترك ذلك الواجب خيرًا من تفويتها وصلاة الرجل وحده.

ولهذا كان مذهب أحمد وغيره أنهم مع قولهم بالمنع من [الصلاة] خلف الفاسق والمبتدع، يأمرون بأن يُصلى خلفه ما يتعذَّر صلاته خلفَ غيره كالجمعة والعيدين وطواف الحج، ونحو ذلك من الجُمَع والجماعات، التي أنْ تُصلّى خلف ذلك الفاسق والمبتدع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015