والقرآن لا يَدُلُّ على تحريمه، فإن قوله (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا) (?) امتَنَّ الله بها على عبادِه بما يُقصَد منها في العادة، ولم يُرِد بذلك تحريمَ أكلها، بدليل أن الصحابة بعد نزول هذه الآية أكلوا لحم الحمر يومَ خيبر حتى نهاهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والآية مكية، فلو كان فيها دليلٌ على التحريم كان الصحابةُ رضي الله عنهم أعلمَ بذلك. وأما الذين نهوا عنها من العلماء كأبي حنيفة فقيل عنه: كراهة تحريم، وقيل: كراهة تنزيه.
وأما ألبانها فإن كانت لا تُسْكِر فهي مباحةٌ كلُحْمانِها، وإن كانت مُسكِرةً فهي حرام. رواه البخاري ومسلم (?). ولمسلم (?): "كلُّ مُسْكرٍ خمرٌ، وكلُّ خمرٍ حرامٌ". وتحريم كلِّ مسكرٍ هو مذهب عامة المسلمين، كمالك والشافعي وأحمد بن حنبل ومحمد بن الحسن وغيرِه من أصحابِ أبي حنيفة.
ويجوز للرجل أن يأكل لحمَها ويشرب لبنَها إذا لم يكن مسكرًا، كما يجوز أكلُ اللحم باللبن مطلقًا، ولم يُحرِّمْ أكلَ اللحم باللبن إلاّ اليهودُ الذين حرَّموا طيباتٍ أُحِلَّت لهم لظلمِهم وذنوبهم. والله تعالى أعلم.