وأيضًا فالميراث جُعِلَ للحي ليكون خليفةً للميت ينتفع بماله، فإذا ماتا على هذه الحال لم يكن انتفاع أحدهما بمال الآخر أولى من العكس، وجَعْلُ كل منهما وارثًا موروثًا مناقضٌ لمقصود الإرث، فإن كونه وارثًا يوجب أن يكون حيا يخلف غيره، وكونه موروثًا يوجب أن يكون ميتًا مخلوفًا، فكيف يُحكَم بحكمين متناقضين في حال واحد؟

وكما أنهم لم يورثوه إلاّ من التلاد دون ما ورثه لئلا يلزم الدور؛ فيجب أن لا يورثوه مطلقًا لئلا يلزم الدور في نفس المورث (?) لا في عين الموروث.

وأما إذا عاش أحدهما بعد الآخر، ولو لحظة، فإنه بمنزلة الطفل إذا استهل ثم مات، فثبت له حكم الحياة المعلومة، فاستحق الإرث، بخلاف من لا تعلم حياته بعد الآخر، فإن شرطَ الإرث- وهو العلم بحياته بعده- منتفٍ، فلا يجوز توريثه منه.

وهذا يستفاد من جَعْلِ الله هذا وارثًا، والوارث لا يكون إلاّ من عاش بعد الموروث، وهذا غير معلوم، فلا يثبت الإرث، فإن الجهل بالشرط بمنزلة عدمه، كما قلنا [في] (?) الربويات: الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل، فالجهل بالتقدم كالعلم بعدم التقدم.

والله سبحانه أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015