إنما كانت بأيدي أهل الذمة، وكان ذلك أيضًا لئلا يَشتغلَ المسلمون بالفلاحة والصغار عن الجهاد. فلمّا كثر المسلمون، وصارَ أكثرُهم غيرَ مجاهدين، وصار أداؤُهم الخراجَ أنفعَ لعمومِ المسلمين من كونها بأيدي الذمة، لم يَصِرْ في ذلك من الصغار ما كان يكونُ في أول الإسلام إلاّ لمن يشتغل بعمارة الأرضِ عن الجهاد. وهذا لا يختص بالخراجية، بل قد رأى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِكَة فقال: "ما دَخَلَتْ هذه دارَ قويم إلاّ دَخلَها الذُّلُّ ". رواه البخاري (?). مع أن الأنصار كانوا هم الفلأحين لأرضهم، فهذا على الاشتغال بعمارة الدنيا عن الجهاد، وهذا لا يختصُّ بالخراجية.

(5) قبول شهادة أهل الذمة في الوصية في السفر

وأما ما ذكره القاضي من قبولِ شهادة أهل الذمة في الوصية في السفر (?)، فلا ريبَ أن الفرقَ هنا ظاهر، وهذا من الاستحسان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015