قيل: ولا نَقبلُ إلاّ ما يُبيح مطلقاً كالماء. وأيضاً فالله ورسولُه قد سمَّاه (?) طَهوراً، وجعله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَهورَ المسلم ما لم يَجدِ الماءَ، وجعلَ تُربةَ الأرضِ طَهوراً. والطَّهُور ما يُتطهَّرُ به، وقد قاَل تعالى: (وَإِن كنُتُم جُنُبَا فَاَطًهَرُواْ" (?). والتيمُّم قد يُطَهِّر، ومع الطهارة لا يبقَى حَدَثٌ، فإنّ الطهارةَ مناقضة للحدث، إذ غايتُه أن تكون نجاسةً معنويّةً، والطهارةُ تُناقِضُ النجاسةَ.

فإن (?) قيل: الصلاة بالتيمُّمِ رخصة كأكْلِ الميتةِ في المَخْمَصَةِ، والرخصةُ استباحةُ المحظور مع قيام الحاظر ومَنْعِ المانع، فلو بقي مانعاً لم تَجُزِ الصلاةُ. فَعُلِمَ زوالُ المانعِ.

ولا يجوز أن يقال هنا: إنه استباحَ الصلاةَ مع قيامِ الحاظِرِ لها، فإنَّ كونَ الحاظرِ حاظراً زائل من الميتةِ لمعارضٍ راجحٍ، وذلك أن المعنى المقتضِي للحَظْرِ القائم بالميتةِ موجود حالَ المخمصةِ، كما هو موجودٌ في حال القدرة، فإَنّ الميتةَ في نفسها لم تتغَيَّرْ، وإنما تغيَّرَ حال الإنسانِ، كان غنيًّا عنها، ثمَّ صار محتاجاً إليها (?). فهذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015