عند ابن القيم في "بدائع الفوائد"، والتي حلت لي بعض الإشكالات، ورجعت إلى كتاب "العدّة" لأبي يعلى الذي نقل منه المؤلف نصوصاً عديدة، وقرأت مبحث الاستحسان في معظم كتب الأصول عند الحنابلة والشافعية والحنفية والمالكية، وأخيراً فتّشتُ عن الموضوعات التي تناولها شيخ الإسلام هنا بالبحث والدراسة في كتبه ورسائله وفتاواه، فوجدتُ ما يُشبهها أحياناً بالنصّ والعبارة في مواضع عديدة، وقد ساعدني هذا كثيراً في فكّ الرموز والاهتداء إلى الصواب في كثير من الكلمات والعبارات التي كانت غامضة ومبهمة.
واستقام ليَ النصُ تقريباً بعدَما كلَّفَني عَرَقَ القِرْبَة، وأحببتُ نشْرَه كما هو بدون تعليق أو تخريج أو توثيق، كما نُشِرتْ رسائله وفتاواه في "مجموع الفتاوى". ثمّ عَدَلتُ عن هذا الرأي، لأن نشر الكتاب بهذا الشكل يحول دون فهم كثير من المسائل الواردة فيه، والوصول إلى حقيقتها.
وقد كان الغرض من كتابة التعليقات على الكتب في تراثنا الإسلامي الإشارة إلى ما في الأصل من خطأ أو صواب، وضبط المشكل من الأسماء والألفاظ، وشرح الغريب والحُوشِيّ منها، وإيضاح الغامض والمبهم من العبارات ليساعد ذلك على فهم النص. يقول ابن جماعة فى تذكرة السامع والمتكلم (ص 186، 191): "ولا يكتب إلاّ الفوائد المهمّة المتعلقة بذلك الكتاب، مثل تنبيه على إشكال أو احتراز أو رمز أو خطأ ونحو ذلك، ولا يسوّده بنقل المسائل والفروع الغريبة، ولا يُكثِر الحواشي كثرةً تُظلِم الكتابَ أو تُضِيع مواضعَها على طالبها".