وأما قول القائل: "إن الشدَّةَ إذا نَزلتْ بأهل الأرض يرفعها الأدنى إلى الأعلى، حتى ينتهي الأمر إلى الغوث، فلا يَرفعُ بصرَه حتى تنفرج تلك النازلةُ"، فهذا من أعظم البهتان من وجوه:
أحدها: أن هذا الغوثَ المدَّعَى ليس بأعظم من الرُسلِ نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وغيرهم. وهؤلاء سادةُ الخلائق، يُجيبُ الله من دعائهم ما لا يجيب من دعاء غيرهم، وهم الذين تُطَلَبُ منهم الشفاعةُ يومَ القيامة، حتى يُنتَهى إلى خاتم الرُسُل محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيقول عيسى: اذهبوا إلى محمدٍ، عبدٍ غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال: "فيأتوني، فأذهبُ إلى ربي، فإذا رأيتُه خَرَرْتُ ساجدَا، فأحمدُ ربي بمحامدَ يَفتحُها عليَّ لا أُحسِنُها الآن، فيقول: أَيْ محمد, ارفَعْ رأسَك، وقُلْ تُسمَعْ، وسَلْ تُعطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ". قال: "فأرفع رأسي فأقول أمتي أمتي، فيَحُذُ لي حَدًّا يدخلهم الجنة ... " الحديث بطوله (?). وأحاديث الشفاعة من أصح الأحاديث وأشهرها.
فهذا سيد الخلائق وصاحب المقام المحمود لا يَبْتَدِئُ