يُرجِّح سماعَ الصوتِ المحض الذي لا حروفَ معه، سواء كان صوت إنسانٍ بمجرده أو مقترنًا بالأبواق والصفّارات والدُّفوف المصلصلة والأوتار وغير ذلك، لما في الصوت من تحريكه وتهييجه والتذاذه به بحسب حاله، كما يُصيب المتحرك عن الشراب والطعام الجسماني من الخمر والحشيشة، أو عن العيان النفساني في الشاهد ونحوه.
وهذا الإنحراف إنما وقع في النصارى من الصابئة الفلاسفة الذين هم أئمة صناعة الصوت التي يسمونها الموسيقى، دخل بسبب هذا القدر المشترك بينهم وبين الصائبة قومٌ من الصابئة في اسم التصوف ونحوه، وقرروا الانحرافات الصابئية. قال الشافعي رضي الله عنه: خلَّفتُ ببغداد شيئًا أحدثته الزنادقة يسمونه التغبير، يَصدُّون به الناسَ عن القرآن. فإن إحداث التغبير إنما هو من المتفلسفة الزنادقة، ولهذا قال أبو عبد الرحمن السلمي في «مسألة السماع» عن ابن الراوندي أنه قال: اختلفَ الفقهاءُ في السماع هل هو حلال أو حرام؟ وأنا أقول: هو واجب. وهذا قول الزنادقة كما ذكره الشافعي.
ولهذا قرَّر ابن سينا في الإشارات وغيرُه من المتفلسفة أَمْرَ سماع الألحان وعشْق الصور، وجعلوه من جملة الطريق التي تُوصِلُ إلى الله