«إذا هَمَّ العبد بحسنةٍ كُتِبَتْ له حسنة واحدة، فإن عَمِلَها كُتِبتْ له عشرُ حسناتٍ إلى أضعافٍ مضاعفةٍ، وإذا هَمَّ بسيئةٍ لم تُكتَب عليه، فإن تركَها لله كُتِبتْ له حسنة، وإن عَمِلَها كتبت عليه سيئة واحدة».
وهذا في الهمّ الذي لا يكون إرادةً جازمةً، فإنّه همُّ قادرٍ لا همُّ عاجزٍ، فلو صار إرادةً مع القدرة لوجد الفعل. قال أحمد بن حنبل: الهمُّ همَّان: همُّ خطراتٍ وهمُّ إصرار. فأما إذا أراد الفعلَ إرادةً جازمةً وإنما منعَه العجزُ فهذا فيه حديث أبي كبشة الأنماري، يقتضي أنه والفاعل سواء، رواه أحمد والترمذي وصححه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأربعة الذين أُعطِي أحدُهم علمًا ومالًا، فهو يعمل فيه بطاعة الله، وآخر أُعطِي علمًا ولم يُعطَ مالًا، فقال: لو أنَّ لي مثلَ ما لفلانٍ لعَمِلتُ فيه مثلَ ما يَعملُ فلانٌ، قال: «فهما في الأجر سواء». وآخر أُعطِي مالًا لا علمًا، فهو يعمل فيه بمعصية الله، وآخر لم يُعطَ علمًا ولا مالًا، فقال: لو أنَّ لي مثلَ ما لفلانٍ لعَمِلتُ فيه مثل ما يعملُ فلانٌ، قال: «فهما في الوزرِ سواء».
فهذا في المريد الجازم العاجز عن الفعل، كما في الحديث الصحيح: «إن بالمدينة لَرِجالًا ما سِرتُم مَسِيرًا، ولا قطعتم واديًا إلَّا كانوا معكم»، قالوا: وهم بالمدينة؟ قال: «وهم بالمدينة، حَبَسَهم