متنازعون في واجبات الصلاة ومبطلاتها. فمن التزم هذا القول لزِمَه أن لا يصلي بعض أهل المذهب الواحد خلف بعضٍ، حتى لا يصلي أبو يوسف ومحمد خلف أبي حنيفة، ولا ابن القاسم وابن وهب ونحوهما خلف مالك، ولا بعض أصحاب الشافعي وأحمد خلفهما.
وقد قال بعض المتأخرين: إنه لا بدَّ أن ينوي المصلي أداءَ الواجب في تفاصيل الصلاة، وإنه إذا فعل ما يُوجبه المأموم دونَه ولم يَنوِ أنه واجبٌ لم يصحَّ الاقتداء به. وهذا قول محدَثٌ في الإسلام، لا أصل له عن أحدٍ من السلف. وما زال المسلمون يصلُّون ولا يُميِّزون هذا التمييز، لا اعتقادًا ولا نيةً، وكيف يمكن هذا والنزاع في واجباتها ومُبطِلاتها من أصعب مسائل الفقه، فكيف يُكلَّف كل مُصلٍّ أن يحرم باعتقادٍ لا يعلم دليله؟ ومن احتاط، فإذا ما اشتبه عليه واجب هو أو مستحب؟ وترك ما اشتبه أحرامٌ هو أم لا؟ فقد استبرأ لعِرضِه ودينِه. فكيف يُذمُّ مثل هذا؟
وأما إن كان هذا القائل أراد [بقوله] «مذهبي» مذهبًا مبتدعًا في الأصول ما يخالف الكتاب والسنة، كمذهب الرافضة والمعتزلة والخوارج ونحوهم، فهذا ضالٌّ من وجهين: من جهة اعتقاد الباطل، ومن جهة امتناعه عن الائتمام بمن يعتقد الحق. وهكذا فعل أهل الأهواء بأئمة المسلمين، كما فعلت الخوارج بعلي رضي الله عنه، ابتدعوا بدعًا ما أنزل الله به من سلطان، وطعنوا مع هذا على من خالفهم من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، حتى آل الأمرُ بهم