وقد رُوي عن عمر بن الخطاب وابن مسعود منعُ الجنب من التيمم، ولكن خالفهما جمهور الصحابة والتابعين. وإذا تنازع السلف في شيء رُدَّ ذلك إلى كتاب الله وسنة رسوله، فوجدَ الأئمةُ الكتابَ والسنة قد دلَّ على مذهب الجمهور، فاستقرَّت أقوال الأئمة على ذلك.
وإنما تنازعوا في حدّ الضرر الذي يُبيح التيمم، فالجمهور يقولون: إذا خاف مرضًا، أو كان مريضًا فخافَ زيادة المرض بزيادة الألم، أو يضرُّه البردُ. هذا هو الصواب، كما قالوا مثل ذلك في فطْر المريض ونحو ذلك، وهو مذهب مالك وأحمد وأبي حنيفة والشافعي في قولٍ، وفي قولٍ قال: هو أن يخاف هلاكَ نفسِه أو بعضِ أعضائه.
وتنازعوا أيضًا فيمن يتيمم لخشية البردِ، هل عليه إعادة؟ فقيل: يُعيد في الحضر والسفر، كقول الشافعي. وقيل: لا يُعيد فيهما، كإحدى الروايتين عن أحمدَ وقولِ غيره. وقيل: يُعيد في الحضر دون السفر، كقول الشافعي وأحمد. والصحيح قول الأكثرين أنه لا إعادةَ في الحضر ولا في السفر.
واتفقوا على أن من تيمم لعدم الماء في السفر أو للمرض أو الجرح أنه لا يُعيد، ولم يأمر الله ولا رسوله أحدًا بفعلِ الصلاة مرتين مع كونه فعلَها على الوجه الذي أمر به أولًا، بل قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أينهاكم عن الربا ويقبله منكم؟».