قلت: هذا في غاية الفساد، فإن ذاك من كلام موسى، قال: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس:88]، وهو دعاء على آل فرعون، كما قال: {رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس:88]. ولم يَستثنِ موسى من هؤلاء أحدًا، وقوم يونس ليسوا من قوم فرعون، فأين هذا من هذا؟

والأول أيضًا في غاية الفساد، فإنَّ جَعْلَ {إِلَّا} المُخرِجة بمعنى الواو الجامعة استعمالٌ للفظ في نقيض معناه، وهذا فاسدٌ. وأبو عبيدة له من هذا الجنس أقوال فاسدة، وهذا مما يعلم أئمة النحاة أنه منكر، فالبصريون كلهم ينكرون ذلك، وقد أنكره الفراء وغيره من الكوفيين. وقد ذكر نحو هذا في قوله: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [البقرة:150]، وهو فاسد من وجوه متعددة، والله أعلم.

فصل

وقد دلت الآية على أن كل من آمن وتاب بعد نزول العذاب نفعَه إيمانُه، وأما من لم يتب أو تاب توبةً كاذبةً فهذا لا ينفعه. وأما التوبة عند

طور بواسطة نورين ميديا © 2015