مقصودان لمعنيين مختلفين، ألا ترى أنَّ تأكيد قوله تعالى: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} بأنَّ، غير تأكيد «من عمل سوءًا بجهالة فأنه غفور رحيم» له بأن، وهذا ظاهرٌ لا خفاء به، وهو كثيرٌ في القرآن وكلام العرب.
وأما قوله سبحانه وتعالى: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [آل عمران:147].
فهذا ليس من التكرار في شيء، فإنَّ «قولهم» خبر كان قدم على اسمها، و «أنْ قالوا» في تأويل المصدر، وهو الاسم، فهما اسم كان وخبرها، والمعنى: وما كان لهم قول إلا قول: ربنا اغفر لنا ذنوبنا.
ونظير هذا قوله سبحانه وتعالى: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا} [الأعراف:82]، والجواب قول، وتقول: ما لفلانٍ قولٌ إلا قول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فلا تكرار أصلًا.
وأما قوله سبحانه وتعالى: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ} [الروم:49]، فهي من أشكل ما أورد، ومما أعضل على الناس فهمها.
فقال كثير من أهل الإعراب والتفسير: إنه على التكرير المحض والتأكيد.