قال الزمخشري: «كل للإحاطة، وأجمعون للاجتماع، فأفادا معًا أنهم سجدوا عن آخرهم، وأنهم سجدوا جميعًا في وقت واحدٍ غير متفرقين في أوقات».
وهذه فائدة زائدة حسنة، إلا أنه يقال: لو أريد هذا المعنى لكان منصوبًا على الحال، وكان وجه الكلام أنْ يقال: مجتمعين أو أجمعين، فلما رفعهم جعلهم إتْباعًا مجردًا لكلهم يفيد فائدته، ولهذا تقول: جاء القوم أجمعون، وإن تفرقوا في مجيئهم بعد أن يجتمعوا ولا يتخلف منهم أحد، قال تعالى: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ} [الشعراء:94 - 95]، أي اجتمعوا كلهم في النار، ولا يدل ذلك على أنهم دخلوها وكبكبوا فيها مجتمعون في آنٍ واحدٍ.
وبالجملة فلفظ أجمعين وإعرابها يأبى هذا المعنى، ولا شك أنه يصدق قولك: جاء القوم أجمعون، وإنْ تفرقوا في المجيء، كما تقول: قُتل بنو فلان أو ماتوا كلهم [أجمعون]، وإنْ تباينت أوقات قتلهم وموتهم، وتأمل قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر:92 - 93]، هل يدل على أنه سبحانه يسألهم كلهم في آنٍ واحد مجتمعين؟ أو يدل على أنه لا ينفك أحد عن السؤال وإن تعددت أوقات سؤالهم؟