ومنه بيت الحماسيّة:
طَارُوا إليْهِ زَرَافاتٍ وَوُحْدَانا
فقوله تعالى: {يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} رافع لاحتمال هذا المعنى، وإرادته بلفظ الطائر ويطير.
وأحسن من هذا أنْ يقال: إنَّه لو اقتصر على ذكر الطائر فقال: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ}، لكان ظاهر العطف يوهم «ولا طائر في الأرض»؛ لأنَّ المعطوف عليه إذا قيّد بظرفٍ أو حالٍ تقيّد به المعطوف، فكان ذلك يوهم اختصاصه بطير الأرض الذي لا يطير بجناحيه، كالدجاجِ والإوزِّ والبَطِّ ونحوها. فلما قال: {يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} زال هذا التوهّم، وعُلِمَ أنَّه ليس الطائر مقيّدًا بما تقيّدت به الدّابة.
وأيضًا ففيه تحقيق معنى الطيران وأنَّ المراد به هذا الجنس الذي يرونه يطير بجناحيه على اختلاف أنواعه وأجناسه أممٌ أمثالكم.
وهذا استعمالٌ مطروقٌ للعرب، كما يقال: ما خلق الله إنسانًا يمشي على رجليه إلا وهو يعلم بأنَّ له خالقًا وفاطرًا.
ونحوُهُ قول أبي ذرٍّ رضي الله تعالى عنه: «لقد توفِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم