بسعر، ثم يذهب فيشتري بأرخصَ منه بمثل ذلك الثمن، فإنه قد يكون أتعبَ نفسَه لغيرِه بلا فائدةٍ. وإنما يفعل هذا من يتوكل لغيره، فيقول: أعطِني فأنا أشتري لك هذه السلعة، فيكون أمينًا. أما أنه يبيعها بثمن معين يقبضه، ثم يذهب فيشتريها بمثل ذلك الثمن من غير فائدة في الحال، فهذا لا يفعله عاقل.
نعم إذا كان هناك تأخير، فقد يكون محتاجًا إلى الثمن فيستسلفه، وينتفع به مدةً إلى أن تحصل تلك السلعة، فهذا يقع في السَّلَم المؤجَّل، وهو الذي يُسمَّى بيع المفاليس، فإنه يكون محتاجًا إلى الثمن وهو مفلس، وليس عنده في الحال ما يبيعه، ولكن له مالٌ يأتي من بعدِه من تمرٍ أو مغلٍّ أو غيرِ ذلك، فيبيعه في الذمة، فهذا يفعله مع الحاجة، ولا يفعله بدون الحاجة إلا أن يقصد أن يتجر بالثمن في الحال، ويرى أنه يحصل به من الربح أكثر مما يفوت بالسَّلَم. فإن المستسلف يبيع السلعةَ في الحال بدون ما يساوي نقدًا، والمُسْلِف يَرى أنه يشتري بها إلى أجل بأرخصَ مما يكون عند حصولها، وإلّا فلو علم أنها عند الأجل كحصول الحنطة في البيدر تباع بالسَّلَم لم يسلم فيها، فيذهب نفع ماله بلا فائدة، وإذا قصد الآخر قرضه ذلك قرضًا، ولا يجعل ذلك سلَمًا إلا إذا ظنَّ أنه أرخص في الحال وقت الأجل.
فالسَّلَم المؤجل في الغالب لا يكون إلا مع حاجة المستسلف إلى الثمن. وأما الحال إن كان عنده فقد يكون محتاجًا إلى الثمن، فيبيع ما عنده معينًا تارةً وموصوفًا أخرى، وأما إذا لم يكن عنده فإنه لا يفعله إلا