وقالت طائفة: إنما يحرم في الأصناف المنصوصة الستة، وهو قول قتادة وداود وأصحابه. وابنُ عقيل قد رجَّح في آخر عمره في كتابه في الخلاف هذا، وضَعَّف ما عُلِّلتْ به الأصناف الستة كلها، وقد بَسَطَ القول عليه، وبيَّن أنه إنما حُرِّم لسدِّ الذريعة فقط، كما قال صلى الله عليه وسلم: «لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين فإنّي أخاف عليكم الرَّمَاء». فربا النسيئة حُرِّم لما فيه من الفساد والظلم، وأما ربا الفضل فإنما حُرِّم لسدِّ الذريعة.

وأقرب الأقوال قول مَن قال: لا يُحَرَّمُ إلا في المطعوم المماثل المكيل والموزون، وهو قول سعيد بن المسيب والشافعي في قول وأحمد في إحدى الروايات اختارها أبو محمد. ومذهب مالك قريب من ذلك، بل هو أرجح في ربا الفضل وربا النسيئة في اعتبار المقاصد، لكنه بالغ في سدِّ الذريعة، حتى حرَّمها مع صحة القصد ورجحان المصلحة. وأحمد يوافقه على بطلان الحِيَل وعلى سدِّ الذرائع إلا إذا ترجحت المصلحة. وهذا أعدل الأقوال.

والفرق بين الحيل وسدِّ الذرائع أن الحيلة تكون مع قصد صاحبها ما هو محرم في الشرع، فهذا يجب أن يُمنَع من قصده الفاسد. وأما سدُّ الذرائع فيكون مع صحة القصد خوفًا أن يُفضِي ذلك إلى الحيلة. والشارع قد سدَّ الذرائع في مواضع، كما بسطتُ ذلك في كتاب: «بيان الدليل على بطلان التحليل»، ولكن يُشترط أن لا تفوت مصلحة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015