أَمْوَالِكُمْ} أي: رأس المال من غير زيادة. فقد أمرهم بترك الزيادة وهي الربا، فيسقط عن ذمة الغريم ولا يُطالب بها، وهذه للغريم فيها حقُّ الامتناع من أدائها والمخاصمة على ذلك وإبطال الحجة المكتتبة بها.
وأما ما كان قبضَه فقد قال: {فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ}، فاقتضى أن السالف له للقابض، وأن أمره إلى الله وحدَه لا شريكَ له، ليس للغريم فيه أمرٌ. وذلك أنه لما جاءه موعظةٌ من ربه فانتهى كان مغفرةُ ذلك الذنب والعقوبة عليه إلى الله، وهذا قد انتهى في الظاهر، فله ما سلفَ، وأمرُه إلى الله، إن علمَ من قلبه صحةَ التوبة غَفَرَ له، وإلَّا عاقبه.
ثم قال: {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، فأمر بترك الباقي، ولم يأمر بردِّ المقبوض.
وقال: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ}، لا يشترط منها ما قبض. وهذا الحكم ثابتٌ في حقّ الكافر إذا عاملَ كافرًا بالربا، وأسلما بعد القبض وتحاكما إلينا، فإن ما قبضَه يُحكَم له به كسائرِ ما قبضَه الكفّارُ بالعقود التي يعتقدون حِلَّها، كما لو باعَ خمرًا وقبضَ ثمنَها، ثم أسلمَ، فإن ذلك يَحِلُّ له، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن أسلمَ على شيء فهو له».