وأنفسهم، لكن ذُكروا بأخصِّ أوصافهم، وهما الإيواء والنصر، فإن هذا امتازوا به. ثم قال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال:74]، ثم قال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ} [الأنفال:75]. قالت طائفة من السلف: هذه تتناول المؤمنين إلى يوم القيامة، كما في سورة الحشر: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر:10].
وهؤلاء التابعون وصفهم بالإيمان والهجرة والجهاد، لأن الناس يكثرون والأنصار يقلُّون، وما بقي بالنسبة إلى أولئك دارٌ يُؤْوُون إليها الرسولَ وأصحابَه. لكن هذا المعنى ثابت لكل من هُوجِرَ إليه من المؤمنين فآوَوا مَنْ هاجرَ إليهم ونصروه، كما أنه قد قال: «لا هجرةَ بعد الفتح، ولكن جهادٌ ونِيَّة»، أي من أرض مكة وأرضِ العرب، لأنها صارتْ دارَ إسلام. وقد قال: «لا تنقطع الهجرةُ ما قُوتِلَ العدوُّ» أي من دار الكفر، وكذلك النصرة والجهاد لا يزال مأمورًا به إلى يوم