«يَهْدِيْ» على أحد القولين. والهدْي من هَدَى يهدي مثل الدلّ من دلَّ يَدُلُّ، ومنه الحديث المأثور في السنن: «الهَدْي الصالح والاقتصاد والسَّمْت جزءٌ من خمسة وعشرين جزءًا من النبوة». ومنه قول حذيفة: كان عبد الله بن مسعود يُشَبَّه بالنبي صلى الله عليه وسلم في هَدْيِه ودَلِّه وسَمْتِه. وكان علقمة يُشَبَّه بعبد الله في هَدْيِه ودَلِّه وسَمْتِه، وكان إبراهيم يُشَبَّه بعلقمة في هَدْيِه ودَلِّه وسَمْتِه، وكان منصور يُشَبَّه بإبراهيم في هَدْيِه ودَلِّه وسَمْتِه، وكان سفيان يُشَبَّه بمنصور في هَدْيِه ودَلِّه وسَمْتِه، وكان وكيع يُشَبَّه بسفيان في هَدْيِه ودَلِّه وسَمْتِه، وكان أحمد بن حنبل يُشَبَّه بوكيع في هَدْيِه ودَلِّه وسَمْتِه.
وذلك لأن المهتدي لا بدَّ له من شيئين: من غايةٍ يقصدها، ومن عملٍ إلى تلك الغاية. وكل إنسان فله قصدٌ وعملٌ، فإن أصدقَ الأسماءِ الحارثُ وهمامٌ، سواءٌ كان قصدُه صوابًا أو خطًا، وسواءٌ سَعَى إليه أو لم يَسْعَ. فمن لم يقصد الحق أو قصدَه ولم يعمل لمقصودِه فليس بمهتدٍ، بخلاف من قصدَه وعمل له فإنه مهتدٍ بالحق.
وإذا كان ذلك فالواجب أن يُنظر في كلِّ كلامٍ، فما وافقَ كتاب الله