المِلل التي فيها خير قال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:62]. ومثل ذلك في المائدة. فعُلِم أن هذه الأصول الثلاثة هي جماع ما يجب في الملل كلها، وإنما أمر بقتال أهل الكتاب لخروجهم عن الأصول الثلاثة في قوله: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة:29]، فذكر خروجهم عن حقيقة الإيمان بالله واليوم الآخر وعن العمل الصالح الذي هو فعلُ ما أمر به من الحق وتحريم ما حرَّم الله ورسوله. وقد بسطت ذلك في غير هذا الموضع.
فصل
ومحمد بن عبد الله هو خاتم الرسل وأفضلهم وأكملهم، صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم تسليمًا، ودينُ الله هو ما بعثه الله به من الكتاب والحكمة، وهو الإسلام الخاص والإيمان الخاص، المتضمن للإيمان العام والإسلام العام. وقد أوجبَ الله على جميع أهل الأرض عربهم وعجمهم وإنسِهم وجنِّهم الإيمانَ به وطاعتَه واتباعَه، وتعزيرَه ونصْرَه وتوقيرَه وغيرَ ذلك من حقوقه، وأوجب على الخلق اتباعَ الكتاب