وذلك لأن المقصود الذي خلق له هو عبادة الله الجامعة لمعرفته بأسمائه وصفاتِه، ومحبتِه والإنابةِ إليه، وإخلاص الدين له، والطريق إلى ذلك هم رُسُل الله تعالى، فالإيمان بالله ورسوله هما المقصود والوسيلة، وبدون أحدهما لا يحصل ذلك، فمن أقرَّ بالخالق ولم يؤمن بالرسل لم يَعْلَم ما يحبه الله ويرضاه ويأمر به، ولا ما يكرهه ويسخطه وينهى عنه، ولم يعرف أيضًا من أسمائه وصفاته ما لا يُعرف إلا من الرسل، سواء في ذلك العلوم والأعمال التي قد يعلمها الإنسان بعقله، فإن هذا القسم ليس بيِّنًا في العقول ولا ظاهرًا للناس، ولا هو متَّفقٌ عليه بين أرباب العقل العام، بل مَنْ لم يهتدِ بنورِ الرسالة واكتفى فيه برأيه ورأي بني جنسه فإنه يقع في الشبهات والإشكالات والاختلاف والتفرق الذي لا يُحيط به إلا الله تعالى، كما نجده في الخارجين عن اتباع حقيقة الرسالة من المشركين والمجوس، والمبدِّلين المبتدعين من الصابئين واليهود والنصارى والمسلمين، وهم الذين تفرَّقوا على الأنبياء والرسل، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المُتَّفَق عليه عن أبي هريرة: «ذَرُوني ما تركتُكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتُكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتُكم بأمرٍ فَأْتُوا منه ما استطعتم».

وقد قال سبحانه في كتابه: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ، وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} [البقرة:176]. وقال تعالى: {كَانَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015