فصل
أصل الإيمان والهدى ودين الحق وما يدخل في ذلك من العلم النافع والعمل الصالح هو الإيمان بالله ورسوله، وهو أول ما أوجبَه الله على عباده وأمرهم به، وقد قررتُ ذلك فيما تقدم من القواعد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أُمِرتُ أن أقاتلَ الناسَ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عَصَموا مني دماءَهم وأموالَهم إلا بحقِّها». وكما قال لمعاذ بن جبل لما أرسله إلى اليمن: «إنك تأتي قومًا أهلَ كتابٍ، فليكن أوَّلَ ما تدعوهم إليهم شهادةُ أن لا إله إلا الله».
وكما تواتر بالنقل العام، وعُلِمَ بالاضطرار من دين الرسول، واتَّفقتْ عليه الأمة أن أصلَ الإسلام وأولَ ما يؤمر به الخلقُ شهادةُ أن لا إله إلا الله وشهادةُ أن محمدًا رسول الله، فبذلك يصير الكافر مسلمًا، والعدوُّ وليًّا، والمباحُ دمُه ومالُه معصومَ الدم والمال. ثم إن كان ذلك من قلبه فقد دخل في الإيمان، وإن قاله بلسانهِ دونَ قلبه فهو في ظاهر الإسلام دونَ باطن الإيمان، كما قال تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات:14].