فقلتُ: هذا اعتقاد جميع سلف الأمة وأهل الحديث ومن سلك سبيلَهم من أتباع الأئمة الأربعة ومشايخ الصوفية وعلماء المتكلمين، وإنما الإمام أحمد بلَّغ العلمَ الذي جاء به الرسولُ، واتبعَ سبيلَ من سبقه من الأئمة، ولو جاء أحد بشيء مخالف لذلك لم يقبل. وأما المتأخرون فمنهم من يوافق السلف، ومنهم من يخالف السلف.
وقلتُ: من أنكر من ذلك شيئًا فليكتُب خطَّه بما ينكره، ولينقلْ ذلك عن سلف الأمة، ويذكر مستنده، أو ليكتبْ عقيدةً تُناقض هذه، وتُعرَضُ الثنتانِ على سلطان المسلمين.
وقال لي بعض الحاضرين -وقد أحضر كتاب الأسماء والصفات للحافظ أبي بكر البيهقي-: هذا قد ذكر فيه عن بعض السلف تأويل صفة الوجه.
فقلت: لعلك تعني قوله: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة:115].
فقال: نعم، قد ذكر عن مجاهد والشافعي أنها قبلة الله.
فقلت: هذا صحيح، وليست هذه من آيات الصفات، بل سياقُ الكلام يدلُّ على المقصود حيث قال: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}، أي فثمَّ جهةُ الله، فإن الوجه والجهة والوِجهة في مثل