ومن عبد هذه الآلهة كلَّها أو جوَّز عبادتَها فشركُه أعظمُ، ومن أنكر الله وعبدَ ما سواه فهو أكفر وأكفر، فهؤلاء الاتحادية الذين يزعمون أن الله هو الوجود هم يُشركون به جميعَ خليقتِه إن أقروا بوجودِه وزعموا أن وجودَه فاضَ عليها، وإن زعموا أنه هو الوجود المطلق، أو أنه هو عين الموجودات فهم مشركةٌ معطِّلةٌ شركًا عامًا ....... ، فإن من هؤلاء من يقصد عبادة الله وحده .... في معرفته، ويقصد اتباع الرسول، وإن غلط في معرفة دينه، فهم من جهة ما وافقوا فيه الرسولَ خيرٌ من الكفار، ومن جهة ما خرجوا به عن دينه قد يكون بعضهم شرًّا من بعض الكفار.

ولهذا يذكر عن ابن العربي أن النصارى إنما كفروا لأنهم خصصوا، وقال في «الفصوص» في فصِّ نوح: لما عظم قومه وذكر أنهم كانوا عارفين فقالوا: {لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح:23]، فإنهم إذا تركوهم جهلوا من الحق على قدر ما تركوا من هؤلاء، فإن للحق في كل معبود وجهًا يعرفه من عرفه ويجهله من جهله. وفي المحمديين: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء:23] أي حكم، فالعالم يعلم من عبد وفي أي صورة ظهرَ حتى عبد، وأن التفريق والكثرة كالأعضاء في الصورة المحسوسة، وكالقوى المعنوية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015