عندهم أظهر وأشهر من جميع الأمور الموروثة عنه.
وإنما نشأ هذا الغلطُ من المعتزلة الذين أحدثوا الكلامَ الباطلَ في الدين، وبَنَوا ذلك على أن العقل بمجرده يُوجِب، وأنه يُوجب معرفةَ اللهِ المنعم أولًا، وأنه لا طريقَ إلى ذلك إلّا النظر، فقالوا بوجوبه، وقد بسطتُ القولَ في هذه المسألة في غير هذا الموضع، وبينتُ أن المعرفة المجملة داخلةٌ في أول الواجبات، لا أنها بنفسها وحدها وجبتْ، وأنها وحدها لا بقيدٍ.
والشهادة وإن كانت هي أول الواجبات فهي أفضل العبادات، وأرفعُ العلوم والمعارف، وأجلّ القُرَبِ والطاعات، وهي قُوْتُ المؤمن في كل وقتٍ وحال، وهي للإيمان كالنية للعبادات، وإن اكتُفِي باستصحاب حكمها فاستصحابُ ذكرها هو الأصل، ويجب أن يُستصحبَ ذكرُه في المواطن التي يستزلُّ الشيطانُ الناسَ عن حقيقتها، إما بتألُّهِ غيرِ الله أو إخراج الرسولِ عن حقيقة الرسالة، ومزاحمة غيره له، من ملكٍ أو أمير أو عالم أو شيخ أو إمام أو صاحب، فإن هذا يقع فيه خلائق لا يُحصَون ممن مضى ومن غبَر، وهو يخرج عن حقيقة الإيمان وإن كان قد لا يَخرج عن أصلِه.
فصل
وخصائصُ الشهادتين وعلوُّ قدرِها وفضلها كثير جدًّا، وكذلك فضل التوحيد والتهليل كثير جدًّا في الكتاب والسنة وإجماع الأمة،