وقد قيل: اللوم في الآخرة. روى ابن المنذر عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} قال: ما من أحد إلا وهو لائم نفسَه يوم القيامة، مُحسِن لا يكون زادَ في إحسانه، ومُسِيءٌ لا يكون أقلعَ عن سيئاته، مما يرى من عِظَم عقوبة الله.
والآية قد تتناول هذا المعنى، وهذه صفة لازمة للنفس، فإنها لا بدَّ أن تأتي ما تُلام عليه، ولا بدَّ أن تلومَ نفسَها، فإن لم يتب وإلا لامَ نفسَه في الآخرة، مع أن كل امرئ لا بد أن يلوم نفسه في الدنيا ولو لم يكن تائبًا إلى الله، إذا قد يفعل ما يندم عليه كما ندم ابن آدم القاتل على ترك دفن أخيه وإن لم يندم على قتله.
وكونها لوَّامةً قبل كونها أمَّارةً، وكثير من المتصوفة ونحوهم يجعل هذا في حال وهذا في حال، ويجعل الحال الثالثة أنها مطمئنة، ويقول: النفوس ثلاثة بهذا الاعتبار: أمَّارة ولوَّامة ومطمئنة، فالنفس المنتقلة إلى الحال الثالثة تتصف بالأوصاف الثلاثة، وأما غيرها فقد لا تكون مطمئنة.
والتحقيق: أن كونها أمَّارة ليس بملامٍ لها، فإن الله إنما أخبر عمن أخبر عنه أنه قال: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} [يوسف:53]، فالنفس التي رحمها ربي ليست أمَّارة بالسوء، فالأمارة خاص،