وبعضهم يقول: بل هو تأليفُ جبريل ونظمُه، فَهِمَ عن الله معانيَ (?) مجرَّدة، ثم عبرَّ عنها.
فقال له من أراد بيان فساد هذا: [هذا] تشبيهٌ (?) للربِّ سبحانه بالأخرس الذي في نفسه معنًى [لا] يمكنه التعبيرُ [عنه]، فيجيء من فَهِم مراده فيُعَبِّرُ عنه (?).
لكن الأخرس يُفْهَمُ ما في نفسه بإشارته وإيمائه، وهذا عنده ممتنعٌ على الربِّ سبحانه، بل طريقُ ذلك أن يَخْلُقَ في نفس جبريل علمًا بمراده، من جنس الإلهام.
وحينئذٍ فيكون جبريلُ أُلْهِمَ شيئًا عبَّر عنه وجاء به إلى محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيكون من أُلْهِمَ مرادَه أن يُرى (?) بمنزلة جبريل الذي أخذ عنه محمدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولهذا يقول من بنى على هذا الأصل، كابن عربي: أنا آخذُ من المعدن الذي يأخذُ منه الملَكُ الذي يوحي به إلى الرسول (?).
وقد فرَّق الله بين الوحي وبين التكليم الخاصِّ في قوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ