الزاعمين أنه لا يَقْدِرُ أن يهديَ ضالًّا ولا يُضِلَّ مهتديًا ولا يُقَلِّبَ قلوبَ عبادِه، بل يزعمون أنه يكونُ في ملكه ما لا يشاؤه ويشاءُ ما لا يكون، وهو عاجزٌ عمَّا عليه العبادُ قادرون، المعادِين لأهل بيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحابتِه، الطاعنين في أزواجه وأهل قرابتِه، السَّافِكين لدماء عِتْرَتِه وأمَّتِه في القديم والحديث، المُعَاوِنين عليهم لكلِّ عدوٍّ خبيث، الذين تعجزُ القلوبُ والألسنةُ عن الإدراك والصِّفة لمَخَازِيهم، وما أحدثوا في هذه الأمة من مَسَاوِيهم.
لا سيَّما هؤلاء المعتَصِمين بالجبال، التي اتفق على صعوبتها أصنافُ الرجال؛ لاشتمالها من القِلاع والأوعَار (?)، والأودية والأنهار، وأصناف المُلْتَفِّ من الأشجار، والأماكن المُعْطِشَة (?) الوَعِرة العالية، وما لم تَسْلُكه الخيلُ في العُصُر الخالية، وما لا تضبطُ الصفاتُ من مَباعِث الطرقات، ما رجَّح أهلُ الخبرة صعوبتَه على ما رأوه من الجبال الشامخات (?).
وكانوا كما قال الله تعالى في من ضاهَوْه في كثيرٍ من الوجوه: {مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتَاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} [الحشر: 2] (?).
وكانت قلوبهم قويةً بهذه الأماكن المُضِرَّة (?)، لا سيَّما وقد غزاهم