وقال سبحانه وتعالى في الآية الأخرى: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [النساء: 103]، فدلَّ على أن الصلاة وقت الخوف لم تكن مقامةً على الوجه التامِّ؛ لأنه زاحَمَها في هذه الحال ما هو أوجبُ من إقامتها الكاملة، فكان تركُ إقامتها الكاملة في هذا الوقت للجهاد الذي هو أوجب، فهو المأمور به في هذه الحال.

وقد قال تعالى في فضل الجهاد: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} إلى قوله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [التوبة: 19 - 22].

وفي صحيح مسلمٍ وغيره عن النعمان بن بشيرٍ قال: كنت عند منبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الجمعة، فقال رجل: ما أبالي أن لا أعمل عملًا بعد الإسلام إلا أن أسقيَ الحاجَّ، وقال الآخر: لا أبالي أن لا أعمل عملًا بعد الإسلام إلا أن أعمُرَ المسجد الحرام، وقال الآخر: الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم، فزجرهم عمرُ بن الخطاب، وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو يوم الجمعة، ولكن إذا صلَّيتُ الجمعة دخلتُ فاستفتيتُه فيما اختلفتم فيه، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الآية (?).

وفي الصَّحيحين عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قيل له: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: «إيمانٌ بالله، وجهادٌ في سبيل الله» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015