يُعَنِّف (?) واحدةً من الطائفتين.
فقال هؤلاء: هذا دليلٌ على جواز تقديمها في الوقت، وتأخيرها عنه، عند الضرورة.
والقول الثالث: أنه يؤخِّرها عند المُسَايَفَة إلى أن تنقضي المُسَايَفَة، ثم يصلِّيها ولو بعد الوقت، كما هو مذهب أبي حنيفة.
واحتجُّوا بتأخير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة يوم الأحزاب، فصلَّى العصر بعد ما غربت الشمس، وقال: «ملأ الله قبورَهم وبيوتَهم نارًا، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس» (?).
ومن نصَر القول الأول قال: هذا منسوخٌ بقوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: 238]، وأن هذه الآية نزلت بعد ذلك لمَّا أخَّر صلاة العصر، ولهذا قال عقيبها: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}.
وبهذا يجيبون عن تأخير من أخَّرها إلى بني قريظة، يقولون: هذا كان قبل الفتح والأمر بالمحافظة [على الصلاة] وقت الخوف.
وطائفةٌ من الفقهاء أجابوا عن هذا بجوابٍ آخر، وقالوا: إن التأخير كان باجتهادهم، فلم يُعَنِّفهم؛ لأن المجتهد المخطئ لا إثم عليه.
وكذلك يقول من قال: كان فرضُهم تأخيرَها، يقول: لم يَذُمَّ المتقدِّمين، لأنهم كانوا مجتهدين.