وفي الصَّحيحين عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «لا تُقْتَلُ نفسٌ ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كِفْلٌ من دمها؛ لأنه أول من سَنَّ القتل» (?)، مع أن قابيل عليه إثمُ قتل نفسٍ (?).
وقال نفاة الأسباب والحكمة من مُثْبِتة القدر: بل هذه من أفعال الله تعالى التي ليس لقدرة العبد فيها تعلُّقٌ بوجهٍ من الوجوه.
قالوا: لأن قدرة العبد إنما تؤثِّر في محلِّها، ومحلُّ القدرة هو نفسُه وبدنُه، فأما ما خرج عن ذلك فليس محلًّا لقدرته، فلا يكون محلًّا لتأثيرها.
ولهؤلاء كلامٌ وتنازعٌ في تأثير قدرة العبد ليس هذا موضعه.
وهذا قول أبي الحسن ومن وافقه من المتكلمين والفقهاء، كالقاضي أبي بكرٍ ونحوه، والقاضي أبي يعلى، وأبي المعالي الجويني، وأتباعهما.
وحُكِي عن بعض أهل الكلام أنه قال: هذا حادثٌ لا فاعل له (?).
والصواب -مع قولنا: إن الله خالقُ كلِّ شيء، خلافًا للقدريَّة- أن هذه الحوادث حاصلةٌ عن فعل العبد، وعن الأسباب الأُخَر التي بها حصل ذلك، ففعلُ العبد مشاركٌ في حصولها، ليس مستقلًّا بحصولها؛ فإن الشِّبَع إنما يحصُل مع بَلْعِ الأكل ومَضْغِه، مع ما في الطعام من قوَّة التغذية، وما في المعدة والبدن من القبول لذلك، وهذا لا قدرة له عليه، فأكلُه مشارِكٌ في حصول