توجبُ صبرًا.
والعبد في كلِّ حالٍ هو في نعم الله التي توجبُ الشكر، وهو محتاجٌ إلى الصبر على فعل المأمور مع مخالفة هواه، وترك المحظور مع مخالفة هواه، والصبر على المقدور مع جزَع النفس.
وليس للعبد حالٌ إلا وهو مأمورٌ فيها بفعل المأمور، وترك المحظور، والصبر على المقدور.
وهذه الثلاثة فرضٌ على كلِّ أحد، محتاجٌ إليها في كلِّ وقت، ولا يكون العبد من المؤمنين المتقين إلا بها، والناس يتفاضلون في هذا بحسب تفاضلهم فيها، وبها يصير العبد من أولياء الله المتقين، وجنده المفلحين، وحزبه الغالبين.
* والثاني: أن نفس الأمر الواجب يتضمَّن نعمةً توجبُ شكرًا، أو يتضمَّن ألمًا يوجبُ صبرًا، فعليه أن يكون في ذلك الأمر الواحد صابرًا شاكرًا، كالذي يشرب الدواء الكَرِيه، فعليه أن يصبر على مرارته، ويشكر الله إذ يسَّر له ما يزيلُ عنه مرضه.
والله تعالى محمودٌ على كلِّ حال، وفي الحديث: «كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أتاه الأمرُ الذي يُسَرُّ به قال: الحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات، وإذا أصابه الأمرُ الذي يكرهُه قال: الحمد لله على كلِّ حال» (?).