وعلى هذا فيقال: النهي عن صومه لم يَرِد عامًّا، وإنما ورد (?) في حقَّ عبد الله بن عمرٍو ونحوه، وإنما قيل في العموم: «لا صام ولا أفطر».

وأما قول السائل: هل ذلك لانتفاء المشقَّة أو لانتفاء الثواب والعقاب؟ فيقال له: بل لانتفاء فائدة الصَّوم ومقصودِه، وانتفاء الثواب تابعٌ لانتفاء المقصود؛ فإن العمل الذي لم يحصُل مقصودُه ينتفي ثوابُه، كقوله: «من لم يدع قول الزُّور والعملَ به فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامَه وشرابَه» (?)، وجاء: «ربَّ صائم ٍ حظُّه من صيامه الجوعُ والعطش» (?).

مع أن هذا يُدْفَع عنه بالصَّوم العقابُ، فلو لم يَصُمْ لعُوقِب، ولو صام صومَ المتقين لحصل له الثواب. فإذا صام صومَ الفجَّار اندفع عنه العقاب، ولم يحصل له ثواب؛ لمقابلة ما عمله من الشرِّ فيه بما عمله من الخير.

وصائمُ الدَّهر جعل نهاره ليلًا، واعتادت النفُس ذلك، فلم تحصل له بالصَّوم التقوى التي هي مقصود الصَّوم، كما قال: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، والله أعلم.

- - - -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015