مسألة في تفسير استعاذة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: «اللهم إني أعوذ بك من الهمِّ والحَزَن، والعجز والكسل، والبخل والجُبن، وضِلَع الدَّين وغلبة الرجال» (?).

أجاب شيخ الإسلام رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:

الحمد لله، النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جمع في هذا الحديث بين أصناف الشرِّ (?) التي يُستعاذ منها في أحوال العبد، كل اثنين مِن صِنْف؛ فالهمُّ والحَزَنُ من صنف، والعجزُ والكسلُ مِن صِنْف، والجُبنُ والبخلُ مِن صِنْف، وضِلَعُ الدَّين وغلبةُ الرجال مِن صِنْف.

* فأول ذلك: «الهمُّ والحَزَن»، فالهمُّ يتعلق بالمستقبل، مثل أمورٍ يحذر من وقوعها، فيهتمُّ لأجلها، أو يرجو حصولها، فيهتمُّ أن لا تحصل. والحَزن يتعلق بالماضي والحاضر، مثل أمورٍ كان يكرهها، فيحزنُ لحصولها، أو كان يطلبها، ففاتت، فيحزنُ لفواتها، كما قال تعالى: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: 23].

* و «العجز والكسل» يتعلقان بالفعل الذي ينبغي له فعلُه، فتارةً يعجز عنه، وتارة لا يكون عاجزًا، لكن يحصل له كسلٌ وفتورٌ في همَّته.

* و «البخل والجبن» قرينان، فالبخيلُ الذي مَنعَ معروفَه خوفًا على ماله، والجبانُ الذي لا يدفعُ الشرَّ خوفًا على نفسه من عدوِّه. فالأول يخافُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015