الكافرون، حيث يقول: {كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ} [الانفطار: 9].
والأمر يومئذٍ لله وحده، فلا أحد يظنُّ أو يدَّعي أن له أمرًا أو شِرْكًا في أمر، بل باتفاق الخلق كلِّهم أن ذلك كلَّه لله، وإن كان في الدنيا ينازعونه ويشركون به.
والمستحِقُّ للحقِّ إذا نازعه المُبْطِلون، ثم سلَّموا له حقَّه، فهو في الموضعين قد (?) كان حقَّه، لكن حقٌّ مُسَلَّمٌ، أو حقٌّ ينازع فيه المُبْطِلُ أو يدَّعيه لنفسه.
فأما شفاعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشفاعة غيره يوم القيامة، فهي بأمره وإذنه، وهي منه لا من الشافع، فلا يشفعون إلا بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى، فلا يتوكَّل العبد إلا على الله، ولا يعبد إلا إياه؛ فإنه الذي يسَّر له الشُّفعاء.
ولهذا لمَّا سأل أبو هريرة النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أسعدُ الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: «لقد ظننتُ أن لا يسألني عن هذا أحدٌ أوَّل منك؛ لِمَا رأيتُ من حرصك على الحديث. أسعدُ الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله» (?).
فقد أخبر أن أسعد الناس بشفاعته هم أهلُ التوحيد لله، الذي أخلصوا له الدين، الذين لم يتألَّهوا غيرَه (?).