وهذا مِن معنى كون القرآن متشابهًا مثاني، ومِن معنى كونه من جوامع الكَلِم، ومِن معنى أنه أُحْكِمَت آياتُه ثم فُصِّلَت، ومِن معنى كونه ضُرِبَ فيه من كلِّ مثل.

وهو كما قال ابن عباس: «فيه الأقسام والأمثال» (?).

فالأمثال (?): الأمور المتشابهة المتماثلة. ويُضْرَبُ لها المثلُ بقياس الشَّبه، والتمثيل، وقياس الشمول.

والأقسام: هي الأصنافُ والأنواع المختلفة، وهي التي تُثَنَّى أي: تُعَدَّد وتُقَسَّم، فتُذْكَر كلمةٌ بعد كلمة، واسمٌ بعد اسم، بخلاف المتشابهة، فإنه يجمعها اسمٌ واحدٌ وكلمةٌ واحدة. ويُضْرَبُ لها المثلُ بقياس التقسيم والتفصيل (?).

ومثل هؤلاء الآيات قوله تعالى: {وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا} [الأنعام: 70].

فلما نفى سبحانه أن يُقْبَل في الآخرة من النفس الشفاعة، وأخبر أنه لا شفاعة في ذلك اليوم، [بيَّن أنه في من قُبِلت شفاعتُه] (?) هو الآمرُ بالشفاعة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015