وكذلك قوله: «أو استأثرت به في علم الغيب عندك» دليلٌ على أن من أسمائه ما لا يعلمه غيرُه.

وهذا يدلُّ على تكلُّمه بأسمائه، واختصاصِه بذلك.

وعند الجهميَّة القائلين بخلق القرآن لا يقوم به كلامٌ، ولا يتكلَّم، بل إذا خاطب غيرَه خلق في الهواء كلامًا؛ فلا يُتَصَوَّر عندهم أن يكون له كلامٌ اختصَّ به عن أسماع المخلوقين.

ولهذا كان قوله أيضًا: «من ذكرني في نفسه ذكرتُه في نفسي» (?) حجةً عليهم أيضًا.

* وقوله: «أو أنزلتَه» «أو علَّمتَه» «أو استأثرتَ به» هو تفصيلٌ لما سمَّى به نفسه؛ فإن ما سمَّى به نفسه إما أن يُعْلِمَه أحدًا بخطابٍ أو كتاب، أو لا يُعْلِمَه أحدًا، بل يستأثر به في علم الغيب عنده.

وإن كان الحديث بلفظ «أو» فإن «أو» حرف عطف، والعطفُ قد يكون للخاصِّ على العام، كقوله: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل: 90]، وقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [الأحزاب: 7]، وقوله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: 98]، وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [الحج: 8].

* وقوله: «ربيع قلبي»، الربيع هو: المطر الذي يُنْبِتُ ربيعَ الأرض،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015