وليس مما أوجب الله ورسولُه ولا أحبه الله ورسولُه، فهؤلاء ضالُون مُخطِئونَ طريقَ الله.
وهم في الضلال درجات: فمنهم كافر، ومنهم فاسقٌ، ومنهم مُذنِب، ومنهم مؤمن مخطئ أخطأ في اجتهادِه. والخوارق التي تَحصُل بمثل هذه الأعمال التي ليست واجبةً ولا مستحبةً، بل هي من الأحوال الشيطانية، لا مما يُكرِم الله به أولياءَه. كالخوارقِ التي تَحصُل بالشركِ والكواكب وعباداتِها، وعبادةِ المسيح والعُزَير وغيرِهما من الأنبياء، وعبادةِ الشيوخ الأحياء والأموات، وعبادةِ الأصنام، فإن هؤلاء قد تُجعَل لهم أرواح تخاطب ببعض الأمور الغائبة، ولكن لابدَّ أن يكذبوا مِع ذلك، كما قال تعالى: (هل أنبئكم على من تنزل الشياطين (221) تنزل على كل أفاك أثيم (222)) (?). وقد تَقتُل بعضَ الأشخاص أو تُمرِضُه، وقد تأتيه بما تسترِقُه من الناس، إمّا دراهمَ وإما طعامٍ وإما شرابٍ أو لباسٍ أو غير ذلك. وهذا كثير جدّا.
فمن كذَّبَ بمثل هذه الخوارق فهو جاهل بالموجودات، ومن ظَنَّ أنَ هذه كرامات أولياء الله المتقين فهو كافر بدينِ رب الأرض والسماوات، بل هذه من جنس أحوال الكهنة والسحرة، مثل مكاشفة عبد الله بن صيادٍ للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان قد ظنَّه بعضُ الصحابة الدجالَ، ولم يكن هو الدجال، وتوقف فيه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى تبين له أنه ليس هو الدجال، لكن كان له حال شيطاني، فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "قد خَبأتُ لك خبيئةً" (?)، فقال: الدُّخْ الدُّخْ، وكان قد خَبَأَ له سورةَ الدخان،