والنوم جُعِلَ للناس في الدنيا سُباتًا، كما قال تعالى (?). جعل الليل لباسًا والنوم سباتًا، ليسكن الإنسان فيه ويستريح بدنُه من الحركات التي لو دامت عليه لأهلكته (?)، ولهذا يغتذي الإنسان بالنوم لاحتياجه إليه، ويقوم من نومه كأنه خُلِقَ جديدًا. وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا استيقظ من نومه يقول: "الحمد لله الذي أحيانَا بعدما أماتنا وإليه النشور" (?).

والرب تبارك وتعالى منزَّهٌ عن كلّ نقصٍ، قال تعالى: (ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب (38)) (?)، وقال تعالى: (وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلى العظيم (255)) (?) قالوا: لا يكرثه ولا يثقل عليه.

وإذا كان القيوم الذي لا يزول فقد دخل في ذلك أنه لا يأفل، كما قال الخليل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا أحب الأفلين (76)) (?)، فإنه من المعلوم أن أفولَ الشمس والقمر والكواكب أبلغُ في النقص من زواله إذا كان الآفل غابَ واحتجبَ، ولم يبقَ له في عابدِه فِعلٌ ولا نفعٌ، ولا يمكن عابدَه أن يُوجهَ وجهَه إليه، بخلاف زوال الشمس، فإنه فيه نقصٌ لها وانخفاض وانحطاط عن حالِ كمالِ ارتفاعِها. والزوالُ بدءُ حصولِ الأفْياءِ المُزِيلة لشعاعها، فإن الظل يكون ممدودًا قبل طلوعها، كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015