وسبب النزاع في ذلك أنّ عليه إخراج الكفارة قبل الوطء بنصّ القرآن، قال تعالى: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا).
وأما قول من قال: هو تكرير لفظ الظهار، فهو من أضعف الأقوال أيضًا، فإنّ ذلك مخالفٌ لأصول الشرع، إذ كان القول المحرم تحرم منه المرة الواحدة والمرتان والثلاث، وكلَّما كرَّره كان أعظمَ إثمًا. والأحكام المعلقة به إنما هي معلَّقة بجنسه، كالقذف واليمين الغموس وشهادة الزور، وتحريم الحلال بغير الظهار، إما بصيغة قسم وإما بغير ذلك، وكذلك الكفر والردة، وأمثال ذلك الحكم المعلق بهذه معلّق بجنسها، وإذا غلظ القول وكرَّره تغلَّظ الإثم وتكرر. لكن ليس فيها ما يقال: إنه لا يلزمه بالمرة الواحدة حكم، لكن إن كرَّره لزمه الحكم، وإنما يقال هذا فيمن لزمه الحكم أولاً، أو تاب ورجعِ، ثم عاد إلى ما نهي عنه، فهذا قد يختلف حكمه، فكذلك ما فعله أولاً قبل العلم بالتحريم، أو فعلَه ناسيًا أو مخطئًا، فعفي عنه. فهذا قد يقال فيه: إنه إذا عاد لزمه الحكم، لكون العود ليس من جنس الأول، بل الثاني فعله عالمًا عامدًا.
وهذا كما قد اختلف العلماء فيمن تاب من الردّة ثمّ عاد، وهو الذي تكررتْ رِدّتُه، فهذا فيه نزاع (?)، كما قيل في الصيد: (عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ) (?)، فهذا عودٌ بعد العفو، قيل (?): إنه عُفِي عما كان في الجاهلية وقبل التحريم، ومن عاد بعد النهي فينتقم الله منه. وقيل: عفا الله عن أوّلِ مرة بالجزاء، ومن عاد ثانيًا لم يحكم