وأيضا فأوَّل ظهار كان في الإسلام أنزلَ الله فيه هذه الآية، ولم يكونوا بعدُ قد نُهُوا عن الظهار حتى يقال: إنه كان عائدًا إلى ما نُهُوا عنه.
وأيضا فليس من شرط ثبوت الظهار أن يكون قد تظاهر من امرأته في الجاهلية، ولو كان ما ذكروه صحيحًا لم يثبت إلاّ فيمن تظاهر منها في الجاهلية، ثم عاد إلى ذلك في الإسلام. وهذا معلوم البطلان باتفاق المسلمين.
وأيضًا فأوس بن الصامت لم يكن قد تظاهر من امرأته قبل ذلك، ولو كان قد تظاهر منها لكان ذلك طلاقًا عندهم.
وأيضا فالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يسألْه هل تظاهرتَ منها قبلَ هذا.
وأيضا هو لم يقل: "والذين تظاهروا منكم" بصيغة الماضي، بل قال: "يظاهرون"، وهذا يتناول الحالف بالاتفاق.
وقريب من هذا القول قول الشافعي: إنه إذا أمسكها عقبَ الظهار زمانًا يتَّسِع للطلاق ولم يطلّقها فيه لزمتْه الكفارة. والعَود عنده هو مجرد إمساكها هذا الزمنَ اليسيرَ بلا طلاق، فن طلَّقها عقبَ الظهار، أو مات أحدهما عقبَ الظهار، فلا كفارة.
وهذا القول لم يُنقَل عن أحدٍ من السلف، وهو ضعيف أيضًا، فإنه قال: (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا)، و"ثم" توجب الترتيب، وتقتضي المهلة، فلابدّ أن يَحصلَ بعد الظهار عَوْدٌ مرتب عليه في زمانٍ متمهّلٍ فيه، ولو كان العود لا يكون إلاّ عقبَ الظهار لقال: "فيعودون إلى ما قالوا".
وأيضًا فإن العود يقتضي إنشاءَ فعلٍ أو كلامٍ، ومجرّدُ الإمساك