سئل شيخ الإسلام علامة الزمان تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية الحرَّاني - قدَّس الله روحَه ونوَّر ضريحَه - عن رجل طلَّق امرأته ثلاثًا بكلمة واحدة، فهل يقع به واحدة أم ثلاث؟.
فأجاب:
أما جمع الطلقات الثلاث فمحرَّم عند أكثر العلماء من الصحابة والتابعين ومَن بعدهم، وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين عنه واختيار أكثر أصحابه، وقال: تدبرتُ القرآن فإذا كل طلاق فيه فهو الطلاق الرجعي - يعني طلاقَ المدخولِ بها - غير قوله تعالى: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) (?).
وعلى هذا القول فهل له أن يطلقها الثانية والثالثة قبل الرجعة، بأن يفرِّق الطلاق على ثلاثة أطهار، فيطلّقها في كل طهرٍ طلقةً؟ فيه قولان، هما روايتان عن أحمد:
إحداهما: له ذلك، وهو قول طائفة من السلف ومذهب أبي حنيفة.
والثانية: ليس له ذلك، وهو قول أكثر السلف، وهو مذهب مالك، وأصح الروايتين عن أحمد التي اختارها أكثر أصحابه، كأبي بكر عبد العزيز والقاضي أبي يعلى وأصحابه.
والقول الثاني: إن جمع الثلاث ليس بمحرَّم، بل هو ترك الأفضل، وهو مذهب الشافعي، والرواية الأخرى عن أحمد، واختارها الخِرقي.
واحتجوا بأن فاطمة بنت قيس طلَّقها زوجها أبو حفص بن المغيرة