به على قولكم يزيد الضرر، فإنه يكون قد طلَّقها واحدةً، فيطلقها ثنتين. وهذا أيضًا دليل آخر، وذلك أن مذهب مالك وأحمد في أظهر الروايات أن تفريق الثلاث في ثلاثة أطهار بدعة، وهو الصحيح، وأن السنة أن يطلقَها واحدةً، ثم يدعَها حتى تنقضيَ عدتُها، فإذا كانت الأولى قد وقعت ثم أبيح له الثانية في الطهر الأول أو الثاني، كان في هذا. خلاف للسنة بأن طلقها ثانيةً بعد أولى.

فإن قيل: لكن طلّقها الثانية بعد أن راجعَها، وهذا سنة بالاتفاق.

قيل: بل في هذا وجهان ذكرهما أبو الخطاب، أحدهما: أنه بدعة، وعلى هذا التقدير فالحديث حجة عليهم صريحة. والثاني - وهو الأظهر -: هو سنة لمن طلَّقها ثم راجعها ثم اختار طلاقها أن يطلقها، أما من كان غرضُه طلاقَها، وقد طلَّقَ واحدةً، فيؤمر بما يلزم أن يُوقع ثانيةً.

وأيضًا فإن تطويل العدة وضررها يزولُ بذلك.

وأيضًا فالاعتداد بتلك الطلقة من الثلاث أعظم ضررًا على الزوجين من تطويل العدة عليها، ولو خُيرت المرأةُ بين هذا وهذا لاختارت طولَ العدَّة على أن تُحسَب من الثلاث. فكيف تقصد مصلحتها بما هو عليها أشدُّ ضررًا.

وأما ما ذكره الآخرون فإنهم قالوا: أراد بذلك تقليلَ الطلاق، فإنه منع منه زمنَ الزهدِ فيها، وأذِنَ فيه زمنَ الرغبة فيها. وإذا كان هذا مقصود الشارع فهذا المقصود لا يحصل إذا أُمِرَ المواقع له بالرجعة، وقيل له: طَلقْ بعد ذلك، لأنه حينئذٍ لا يكون في الرجعة إلاّ تكثير الطلاق، لأنّ الأول لا يرتفع، والثاني قد يحصل، بل هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015