تطهر، ثم إن شاء بعدُ أمسكها، وإن شاء طلَّقَها، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء". وقد رُوِي عن ابن عمر (?) أنه قيل له: أتعتدُّ بها؟ قال: أفرأيت إن عجز واستحمق. وقال: إن طلقتها ثلاثًا عصيتَ ربَّك وبانت منك امرأتك.

قيل: أولاً حديث ابن عمر قد رُوِي فيه أنه حَسَبَها من الثلاث، ورُوِيَ أنه لم يَحْسُبْها، وكلا الإسنادين جيد. وقوله "راجعْها" مثل قوله "رُدَّها" ونحو ذلك، وهذه الألفاظ تُستَعمل في العقدَ المبتدأ، وتُستَعمل في إمساك المطلقة، وتُستَعمل في إمساك من لم يقع بها طلاق، قال تعالى: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا) (?)، فهذا عقد جديد. وقال تعالى: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ) (?)، فهذا رجعة المطلقة. وقال: فردها علي.

وابن عمر رضي الله عنه إما أن يكون كان يعلم أن الطلاق في الحيض لا يجوز، بل يجب إذا طلق المرأة أن يطلقها لعدَّتها كما أمر الله بذلك؛ وإما أنه لم يكن يعلم هذا، فإن كان يعلمه وألزم بما أوقع فقد يكون من جنس إلزام عمر لهم بالثلاث، وإن لم يكن عَلِمَ بالتحريم وألزم بها فهو دليل على أنها تلزم، فيحتاج الاستدلال بحديثه إلى مقدمتين:

إحداهما: أنه أمر بمراجعةٍ هي مراجعةُ من وقع بها الطلاق.

والثانية: أن وقوع الطلقة لم يكن عقوبة عارضةً على ذنبٍ، بل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015